جاءتني يوما معاملة لحصر الإرث ، من أصحابها شيخ كبير السن محني الظهر
ترتجف يداه من الكبر ويسيل ريقه من فمه من المرض
فرأفت به
وقلت لهم: لماذا كلفتموه المجيء؟ أنا كنت أذهب إليه…
ثم أقعدته وسألته عن اسمه فقال : مسـ .. مسـ.. مسلم
قلت : لا أسالك عن دينك بل عن اسمك: فنطق بحروف مقطعة جاء منها اسم (مسلم وردة)
قلت: أنت الذي كان… واستحييت أن أكمل الجملة . قال نعم. فقلت في نفسي: لا إله إلا الله!
إنكم لم تعرفوا إلى الآن لماذا دهشت ولماذا تشهدت؟
أنا أقول لكم ، ليعتبر المغترّ بقوته المعتز بسطوته، وليعلم أنه لايدوم في هذه الدنيا غنى ولافقر ولاتبقى قوة ولاضعف
وأنها تذل العزيز وتعز الذليل وتنزل العالي وتعلو بالذي نزل.
مسلم وردة _يا أيها القراء_ اسمٌ، كان أهلونا ونحن صغار يخوّفننا به ، فنكفّ عن الحركة ونقف عن الضجيج ونفعل ما نؤمر.
كان أحد العصاة أيام الأتراك..
يعتصم برؤوس الجبال: جبل قاسيون..
فيبعثون إليه بالفرقة من الجند فيكسرها (وحده) ويردّها على أعقابها!
وكان يفرض الأتاوة_مال يأخذه غصباً_ على الإغنياء فلا يملكون منه امتناعاً
انتهت به الحال إلى ما قرأتم!
[ذكريات : علي الطنطاوي ص 354/6-بتصرف يسير]
فلا يغترّ بالدنيا أحد